فضل شهر محرم و أفضل الأعمال فيه

هل توقفت يومًا لتتأمل في معنى أن يختار الله سبحانه وتعالى شهرًا من بين شهور العام، وينسبه إليه فيسميه "شهر الله"؟

 شهراً واحداً فقط يُضاعف فيه أجر أعمالك الصالحة ويُكفر فيه ذنوب سنة كاملة بصيام يوم واحد فقط؟

إنه فضل شهر محرم - الشهر الذي يفتح أمامك أبواب الرحمة والمغفرة على مصراعيها، والآن مع بداية العام الهجري الجديد، لديك فرصة ذهبية لتبدأ عاماً جديداً بحسنات مضاعفة وذنوب مغفورة.

في هذا المقال ستتعرف على فضل شهر محرم، وتكتشف أعظم الأعمال التي يُستحب الإكثار منها فيه، كما سنكشف لك سرّ يوم عاشوراء وسبب تعظيمه، لتخرج من هذا الشهر وقد اقتربت من ربك أكثر، وفتحت بابًا جديدًا للثبات والنجاح في الدنيا والآخرة.

شارك في سقيا ضيوف الرحمن لتروي ظمأ ضيوف الرحمن 

سبب تسمية شهر محرم بهذا الاسم

• حرمة شهر الله المحرم والتعظيم الإلهي

سُمي «محرم» بمعنى محرّم، أي أن الله عزّ وجلّ حرّم القتال فيه، فهو من الأشهر الحرم الأربعة كما ورد في القرآن الكريم: في قوله تعالى ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِنْدَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [التوبة:36].

وهذا الاسم للتعظيم والتشريف، لأنه شهر الله، لا يجوز لأحد أن ينتهكه أو يظلم فيه نفسه أو غيره.

• امتداد للماهية الجاهلية

قبل الإسلام، كان العرب يسمونه "مؤتمر" أو "المؤتمر"، ثم أُطلق عليه "محرم" بعد الإسلام، ووُسِم بهذا الاسم نظراً لتحريم القتال فيه.

كما ذكر ابن السيوطي أن الاسم جديد إسلامي، بينما الشهور الأخرى احتفظت بأسمائها الجاهلية، فسمِّي شهر الله محرماً لتأكيد عزّته وخصوصيته.

• ذكر في النصوص النبوية

ورد في حديث أبي ذر الغفاري استفتاء الرسول ﷺ: "أيهما أفضل؟ فقال: أفضَلُ الأشهر: شهر الله الذي تدعونَه المحرّمَ".

أُطلق اسم محرم لهذا الشهر تأكيداً على أنه محرم على القتال وأنه من أفضل الشهور المقدّسة عند الله. يُذكر بفخر في السنة النبوية بـ"شهر الله المحرم"، وهو بداية العام الهجري، ويمثل فرصة للتقرّب إلى الله بصيام التطوّع، وقيام الليل، والذكر، والتوبة.

فضل شهر محرم في الإسلام

1. من الأشهر الحُرُم الأربعة

قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ (التوبة: 36)

قال ابن باز رحمه الله: "شهر الله المحرم هو أول الأشهر الحرم، وقد خصه الله بالتشريف، وتحريم القتال فيه، وتعظيم الأجر والعمل الصالح فيه."

2. أفضل الصيام بعد رمضان

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم»

قال الشيخ ابن عثيمين: "دل الحديث على فضل الإكثار من الصيام في شهر المحرم كله، وليس فقط يوم عاشوراء، وهذا يدل على شرف هذا الشهر."

3. شهر تنزل فيه المغفرة

قال الشيخ ابن جبرين: "من السنة اغتنام شهر المحرم بالإكثار من الأعمال الصالحة، لا سيما الصيام، والذكر، والصدقة، وترك الظلم، لأن السيئات تُعظَّم في الأشهر الحرم."

4. سُمِّي "شهر الله" تشريفاً

قال الشيخ ابن باز: "إضافته إلى الله عز وجل (شهر الله المحرم) تدل على مزيد تشريف له، كما قال النبي ﷺ: 'أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرم'"

5. صيام عاشوراء فيه تكفير سنة كاملة

عن النبي ﷺ: «صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله»

وقد قال ابن عثيمين: "صيام عاشوراء من أعظم القُرُبات، ويُستحب أن يُصام معه التاسع مخالفةً لليهود."

ورِّث مصحفًا بالحرم المكي في هذا الشهر الفضيل، لتجعل أول عمل في سنتك قرآنًا يهدي الناس ويشهد لك

أفضل الأعمال في شهر محرم

1. الصيام – خاصة صيام التطوع

الدليل: عن أبي هريرة رضي الله عنه قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصيام بعد رمضان صيام شهر الله المحرَّم»

قال ابن باز رحمه الله: "يُستحب الإكثار من الصيام في شهر المحرم، ولا سيما عاشوراء وتاسوعاء، فإن فيهما فضلاً عظيماً."

وقال ابن عثيمين رحمه الله: "الحديث يدل على أن الصيام في المحرم أفضل من الصيام في غيره بعد رمضان، ويستحب صيام أكثره إن لم يُصم كله."

2. صيام عاشوراء وتاسوعاء

الدليل: قال النبي ﷺ: «صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يُكفّر السنة التي قبله»

وقال ابن جبرين: "السنة أن يُصام يوم عاشوراء، ويُستحب صيام يوم قبله أو بعده مخالفةً لليهود."

3. الإكثار من الذكر والاستغفار وقراءة القرآن

قال ابن باز: "من أعظم القربات في الأشهر الحرم: ذكر الله كثيراً، وقراءة القرآن، والدعاء، والتوبة، والإنابة."

4. الإكثار من النوافل (صلاة – صدقة – صلة رحم)

قال ابن عثيمين: "كل عمل صالح في الأشهر الحرم أعظم أجراً، ويُستحب فيها تعظيم الله بترك المعاصي وفعل الطاعات."

5. الابتعاد عن المعاصي والظلم

قال تعالى: ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ (التوبة: 36)

قال هيئة كبار العلماء: "الشهر الحرام يُعظَّم فيه الذنب، كما يُعظَّم فيه الأجر، ومن ذلك تحريم الظلم ووجوب التوبة في هذه المواسم العظيمة."

فضل صيام النوافل في شهر محرم

فضل شهر محرم يتجلى بوضوح في الصيام في شهر محرم، وإليك ما قاله العلماء الثقات حول هذا الموضوع:

حديث النبي ﷺ في فضل الصيام

عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله ﷺ: «أفضل الصيام بعد رمضان، صيام شهر الله المحرّم»

أقوال العلماء في فضل صيام النوافل في شهر محرم

1. الشيخ عبد العزيز بن باز رحمه الله:

"شهر الله المحرم يُستحب الإكثار من الصيام فيه، لا سيما النافلة، لأنه أفضل الصيام بعد رمضان، وصوم عاشوراء منه يُكفر السنة الماضية."

2. الشيخ محمد بن صالح العثيمين رحمه الله:

"الصيام في شهر المحرّم أفضل من غيره من الشهور بعد رمضان، ويُستحب الإكثار من صيام النوافل فيه، لما فيه من تعظيم الزمان."

وقال أيضاً: "الحديث يدل على أن صيام النافلة في شهر الله المحرّم مشروع ومستحب، ولو لم يُصم الشهر كله."

3. الشيخ عبد الله بن جبرين رحمه الله:

"ينبغي للمسلم أن يُكثر من صيام النوافل في شهر المحرم، خاصة في بدايات العام، ليبدأ العام بطاعة وتكفير للذنوب."

4. هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية:

"صيام النوافل من أعظم القربات، ويُرجى مضاعفة أجره في الأشهر الحُرُم، ومنها المحرّم، وقد جاء الحديث النبوي ليبيّن تفضيل هذا الصيام."

اجعل لك سهمًا في الصدقة اليومية لسقيا وإفطار ضيوف الرحمن، 

من أسئلة زوارنا

ما هي الأحداث التي وقعت في شهر محرم؟

إليك أبرز الأحداث التي وقعت في شهر الله المحرّم، كما وردت في كتب أهل العلم والتاريخ:

1. نجاة موسى عليه السلام من فرعون – يوم عاشوراء

قال النبي ﷺ: «هذا يوم صالح، هذا يوم نجّى الله فيه بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى، فنحن أحقّ بموسى منهم» فصامه رسول الله ﷺ وأمر بصيامه.

قال الشيخ ابن عثيمين: "يوم عاشوراء يوم نجّى الله فيه موسى، ولهذا شرع لنا صيامه شكراً لله."

وقال ابن باز: "يُستحب صيامه، وصيام يوم قبله أو بعده، وهو يوم شكر لله على نجاة موسى."

2. هجرة النبي ﷺ إلى المدينة – بداية التقويم الهجري

لم تحدث الهجرة فعلياً في شهر محرم، بل كانت في ربيع الأول، لكن بدء التقويم الهجري بـ"محرم" كان قراراً من عمر بن الخطاب رضي الله عنه.

قال ابن عثيمين: "ابتداء السنة الهجرية بالمحرّم من اجتهاد عمر رضي الله عنه وأصحاب النبي، وليس لأن الهجرة وقعت فيه."

هل الذنوب مضاعفة في الأشهر الحرم؟

قال تعالى: ﴿إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللَّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا... مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ﴾ ﴿فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنفُسَكُمْ﴾ (التوبة: 36)

هذه الآية دالة على تعظيم المعصية في الأشهر الحرم، ومنها شهر محرم.

الذنوب تُعظّم في شهر المحرم، وهذا محل اتفاق بين أهل العلم، السيئة لا تُضاعف عدديًا، ولكن يُعظم إثمها وخطرها في الأشهر الحُرُم.

تنبيه: ليست المضاعفة في العدد، بل في القدر والإثم والعقوبة.

قال ابن القيم: "السيئات تضاعف بحسب شرف الزمان والمكان، لا في العدد بل في الكيفية".

ما هي البدع التي أحدثت في شهر محرم؟

1. إحياء يوم عاشوراء بالحزن واللطم والبكاء والنياحة

وهي بدعة ظهرت من بعض الطوائف التي تتخذ يوم عاشوراء يوم حزن على مقتل الحسين رضي الله عنه.

قال الشيخ ابن باز: "ما يفعله بعض الناس في يوم عاشوراء من اللطم، والنياحة، وضرب الصدور والرؤوس، وتمثيل المآتم، كله من البدع المنكرة."

2. اتخاذ عاشوراء يوم حزن ومأتم دائم

قال الشيخ ابن عثيمين: "اتخاذ يوم عاشوراء مأتماً يتعارض مع السنة، فإن النبي ﷺ جعله يوم صيام، لا يوم مأساة."

3. صنع أطعمة خاصة بعاشوراء تعبّداً

وهي بدعة إذا قصد بها التعبّد والتقرب، أما إن كانت عادة طعام بلا نية دينية، فلا حرج.

قال ابن جبرين: "لا يُتقرّب إلى الله بشيء لم يشرعه، ومن ذلك تخصيص عاشوراء بأطعمة خاصة أو احتفالات لم يفعلها النبي ﷺ."

4. الاحتفال المفرط بعاشوراء أو جعله عيداً

بعض الناس يُظهرون الزينة أو يوزعون الهدايا بهذه المناسبة، وهذا غير مشروع.

قالت اللجنة الدائمة (هيئة كبار العلماء): "لا يجوز اتخاذ يوم عاشوراء عيداً يُظهر فيه الفرح والزينة والطعام المخصوص، ولا يوم حزنٍ تُفعل فيه النياحة، وإنما المشروع هو الصيام فقط.

اختر مشروعًا من مشاريع ضيوف الرحمن، وابدأ عامك بخيرٍ لا ينقطع بإذن الله

اقرأ ايضا: الصدقة الجارية في الحرم